Page 66 - web
P. 66

‫مقالات وآراء‬

                   ‫الإنسانية الرقمية‬
‫كمفهوم يضع الإنسان قبل التقنية‬

‫في السنوات الأخيرة أصبح العالم الرقمي واقع ًا تعتمد عليه الدول‬          ‫بالتعاون مع صحيفة‬
‫المتقدمة على نطاق واسع‪ ،‬فيما تحاول الدول النامية جاهدة مواكبة‬
‫هذا التغيير‪ ،‬نظرًا إلى دوره الجوهري في تحقيق التطور والتنمية‪ .‬في‬        ‫الكاتب‪ :‬كارين اليان ضاهر‬
‫كتابه الصادر في مطلع القرن العشرين «خدعة التكنولوجيا» توصل‬
‫المفكر الفرنسي جاك إلول ‪ Jacques Ellul‬إلى فكرة أن التكنولوجيا ليست‬                              ‫‪66‬‬
‫محايدة ثقافي ًا‪ .‬وقد استمر البحث في تأثيرات التطورات التكنولوجية على‬
‫الفكر والإنسان‪ .‬فقدمت الكاتبة البريطانية سوزان غرينفيلد في كتابها‬
‫«تغيير العقل‪ ،‬كيف تترك التقنيات الرقمية بصماتها على أدمغتنا؟»‬
‫طرح ًا جديدًا حول آثار العالم الرقمي على الإنسان الذي تعود على ذلك‬
‫العالم ويؤثره على تقنيات كثيرة أخرى‪ .‬واستطرادًا ترك ذلك تأثيرًا في‬
‫سلوكيات البشر وعلاقاتهم الاجتماعية وثقافاتهم وتطلعاتهم أيض ًا‪.‬‬
‫وفي السياق نفسه أثيرت نقاشات متوسعة حول موضوع التقنيات‬
‫الرقمية‪ ،‬فتولد حولها جدال خلافي بين المدافعين عنها نظرًا إلى ما‬
‫تملكه من دور في تطور المجتمعات وتنميتها‪ ،‬ومن يرفضونها بسبب‬

                                       ‫ما قد تحمله من سلبيات أحيان ًا‪.‬‬
‫أما الباحث الأكاديمي وأستاذ اللسانيات الحاسوبية في الجامعة‬
‫اللبنانية البروفيسور غسان مراد فلا يحمل راية التقنيات الرقمية ولا يتخذ‬
‫موقف ًا مدافع ًا عنها‪ .‬فالحل ليس في مواجهة هذا العالم الذي يعتبر‬
‫واقع ًا لا مهرب منه‪ ،‬بل في «الإنسانية الرقمية» والتعايش مع العالم‬
‫الرقمي عبر إنشاء بنية تحتية تتعامل مع الرقمنة وثقافتها بوصفها‬
‫تقدم «رؤية شاملة للحياة»‪ .‬فطالما أن الإنسان قد تسلح بالمعرفة‬
‫يبقى صاحب السلطة والكلمة الفصل والمحرك الأساس في هذا‬

                                       ‫العالم بشقيه الرقمي والفعلي‪.‬‬
   61   62   63   64   65   66   67   68   69   70   71